في زمن اختلطت فيه القيم وتبدل فيه معنى الدفاع عن المقدسات، نشهد دفاعًا غريبًا يبرر الإساءة لله تعالى ويطالب بإلغاء القوانين التي تحمي حرمة الأديان وكل ما يُعتبر مقدسًا. هذا المنطق، الذي يسوق به البعض، يؤكد على أن الدفاع عن المقدسات يكمن في إظهارها ضعيفة ومعرضة للسب والاهانة، وأنه لا يجب محاكمة من يسيء إليها. فما مدى صحة هذا الطرح؟ وهل بالفعل يُعتبر إضعاف المقدسات نوعًا من الدفاع عنها؟
منطق كهذا يعكس خللاً فادحًا ومغامرة فكرية خطيرة، إذ لا يمكن أن يكون الدفاع عن قيمنا ومقدساتنا بتبرير الشتائم والإساءات، أو بإلغاء حماية القانون لها. الدفاع الحقيقي عن المقدسات هو رفعها فوق أي إساءة، وتعزيز مكانتها وقيمتها في النفوس والقانون والحياة اليومية.
نجد في هذا السياق مثالًا آخر حين يُطالب بالدفاع عن شاب اعتقل بسبب حرقه للعلم الوطني، الذي يمثل رمزًا للهوية والكرامة الوطنية. هل يعقل أن يُقال إن هذا العلم ضعيف إلى درجة أنه لا يجب حمايته؟ وهل الدفاع عن الوطن يشمل السماح بإهانة رموزه ومعتقداته؟ بالطبع لا.
من المؤسف أن تتكرر مَثل هذه المواقف التي تهدف إلى استفزاز المشاعر، وإثارة الجدل دون مبرر سوى حب الظهور والشهرة الزائفة. وما يزيد الطين بلة هو استمرارية الدفاع عن هذه الأفعال بمنطق “انصر أختك في الباطل”، دون اعتبار للحق والعدل أو للوحدة الوطنية والمجتمعية.
الرسالة الواضحة هنا أن الدفاع عن المقدسات لا يكون بإسقاط حدود الأدب، ولا بتبرير الأفعال المسيئة، بل بالتصدي لها بحزم، والاقتراب منها بمحبة واحترام، مع احترام القانون الذي يحفظ لهذه المقدسات مكانتها ولا يسمح بانتهاكها.
خلاصة الحال، أن التبرير الخاطئ والاستخفاف بالقيم يقودان إلى إضعاف المجتمع وهويته، بينما الحماية القانونية والأخلاقية للمقدسات تظل حصنًا لمجتمع قوي ومتّحد.